ملاحظات حول كتاب قبائل طيء وعشائرها

الدقة والموضوعية من أسس الكتابة عن أي موضوع ، وهما من المتطلبات الضرورية عندما يعمل باحث على إصدار كتاب ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمجالات العلمية والتاريخية ، أو في أي مجال آخر ، ويفترض أن يكون الباحث أمينا على الحقائق التاريخية وتكون عنده ثقافة ومعرفة كاملة قبل الشروع بالكتابة ، وعند قراءتنا للكتاب الذي يحمل عنوان ( قبائل طي وعشائرها ) وهو يضم تأريخا عشائريا وجدناه وللأسف قد احتوى في ثناياه الكثير من الخلط والوهم الذي يشتت القارئ ويقطع عليه درب المعرفة . وبقدر تعلق الأمر بنا ، سنلقي نظرة صائبة على ما جاء في الكتاب المذكور من اجل إظهار الحقائق ، وعليه نقول :
عند قراءتنا للكتاب وجدنا فيه كثيرا من الأوهام والخلط والتحريف والتلفيق وجهل للعشائر العربية وأنسابها ، ووردت فيه أسماء ملفقة عن نسب عشائر الحريث السنبسية الطائية ، وسنأخذ مقتطفات منه ونشرح بعض الأخطاء الواردة في هذا الكتاب للأمانة العلمية وهي كالآتي :

أولا : في الصفحة (13) من المشجر قال طي بن مرّة والصواب هو طيء بن أدد ومرة أخوه وهو جد عشائر خولان القحطانية .
ثانيا : في الصفحة (19) قال طي الحالية هي سنبس و اليسار والحريث والصواب هو اليسار من الحريث والحريث من سنبس من طيء القحطانية .
ثالثا : في الصفحة (21) تطرق إلى قبيلة زوبع وقال : هم بنو زبيد بن معن بن عمر بن عنيز بن سلامان بن عمر بن الغوث بن طيء . وما جاء في هذا تخبط في المعلومات والصواب هو : زوبع بن مانع بن سالم بن بركات بن محمد بن حريث بن عمرو بن معاوية بن سنان بن جرم بن عوف بن مالك بن عبيد بن حارث بن قادم بن عدي بن زيد بن عمرو بن لبيد بن سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل بن الغوث بن طيء ( واسمه جلهمة بن أدد )
رابعا : في الصفحة (27) من المشجر قال في كتابه : مسار ويسار وجوار وعرار وعامر هم أبناء عدي بن سنان بن مسعر بن حريث بن بريد بن عبيد بن سنبس بن سويد بن معن بن قيس بن عائذ بن خزيمة بن عمرو بن مخضب بن حزمر بن لبيد بن سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل بن غوث بن طيء . وهذا نسب ملفق لا يمت الى الحقيقة بأي صلة وهو منقول من كتاب نبيل جياد المسعودي الصفحة ( 109).
أما ما يخص هؤلاء الإخوة السبعة هم : الأمير مسار ويسار وجوار وعرار ودوار وعامر وعمرو هم أبناء عدي بن زيد بن داوود بن عامر بن حريث بن عمرو بن معاوية بن سنان بن جرم بن عوف بن مالك بن عبيد بن حارث بن قادم بن عدي بن زيد بن عمرو بن لبيد بن سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء .
خامسا : في الصفحة (39) تطرق إلى قبيلة البوعامر الطائية وعشائرها وبطونها وأفخاذها وذكر لهم النسب الملفق والمحرف والبوعامر هم إخوة المسارة واليسار والبوجواري والعراعرة .
سادسا : في الصفحة (45) ذكر عشيرة البغادة الطائية إحدى فروع عشائر الحريث السنبسية الطائية ، ونقل معلوماتهم من كتاب عشائر الحريث الطائية وفروع سنبس الأخرى من تأليف المحقق النسابة غزال مهدي مضعن المسارّي ، والباحث لم يذكر المصدر الذي اعتمد عليه ، وعلى ذلك فان الباحث خالف أصول البحث العلمي السليم في التأليف الذي يوجب ذكر المصدر والصفحة واسم المؤلف الذي استقى منه بحثه ، وعلى هذا الأساس لا يمكن الاعتماد على هذا الكتاب وما جاء فيه من معلومات غالبيتها خاطئة .
سابعا : في الصفحة 57 ذكر المؤلف بان كتاب عشائر الحريث الطائية من تأليف غزال مهدي المساري قد ذكر فيه ثلاثة رؤساء وهم كل من الشيخ جمال عبد ضاحي والشيخ إسماعيل عبد مطلب والشيخ داوود علي الساجت بينما نفى صاحب الكتاب صباح العزاوي وجود هؤلاء الرؤساء وذكر بوجود رئيس عام واحد وهو جمال عبد ضاحي وقال بان كل من إسماعيل عبد مطلب وداوود علي الساجت من الشيوخ البارزين وعليه نقول بان المؤلف العزاوي خالف الوقائع واعتمد على كلام الشيخ جمال عبد ضاحي فقط وهذا الكلام غير دقيق بينما الحقيقة هي وجود فرقة رؤساء عامون مكونة من الشيوخ الثلاثة المذكورين وتم اختيارهم عن طريق انتخابات عامة ضمت كل عشائر المسارة ولم تجر اي انتخابات بعد ذلك .
ثامنا : في الصفحة (87) قال عن عشيرة الانباريين : هي من عشائر سنبس والصواب هو أن الانباريين من عشائر ربيعة العدنانية وليس من سنبس من طيء وعلى المؤلف أن يصحح معلوماته
تاسعا : في الصفحة (91) ذكر قبيلة الخزاعل وقال أصلها من خزاعة ، ومن الثابت والمعلوم ، هي من عشائر سنبس ومن ذرية عمر بن عامر بن ربيعة بن حارثة وهذا ما قاله عن الخزاعل . ونود أن نبين حقيقة وهي أن هناك سوء فهم وتداخلاً بين عشائر خزاعة والخزاعل ، وان هذا الخلط واللبس وقع فيه كثير من الباحثين والمؤرخين لأنساب العشائر العربية ، عندما ذكروا أن خزاعة من الخزاعل وهذا سوء فهم في تاريخ القبائل العربية وأنسابها .
وللحقيقة والتاريخ نقول :ان خزاعة من الأزد من كهلان من القحطانية وهم غير الخزاعل الذين هم بطن من سنبس من طيء القحطانية وخزاعة من القبائل القديمة التي كان لها مكانة بين العشائر قبل الإسلام ولما تحالفت القبائل ضد دعوة الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والقضاء عليها في مهدها قبل انتشارها في عهد الجاهلية وكانت خزاعة آنذاك من أقوى العشائر في هذا التحالف . وجميع عشائر خزاعة تنتسب إلى عمرو بن لحي بن حارثة بن عمرو الملقب ( مزيقياء) بن عامر (ماء السماء) بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن نبي الله هود (عليه السلام ).
إما الخزاعل فينتسبون إلى جدهم خزعل بن قيس بن عائذ بن قيس بن خزيمة بن جرير بن عدي بن جرمز بن مخضب بن حزمر بن لبيد بن سنبس الطائي .
عاشرا : في الصفحة (166) ذكر عشيرة العنبكية وقال : أصلهم من شمر وجاءت التسمية نسبة إلى مكان سكناهم في سوريا قبل دخولهم العراق وهو ( عين بق) فتغيرت وأصبحت العنبكية ويرأسهم الشيخ فاضل حسن العبدال وعلي صعب العبدال وذكر تفرعاتهم . هذه المعلومات عن العنبكية غير دقيقة ولا صحة لها لأن العنبكية من عشائر عبادة العقيلية القيسية المضرية العدنانية وليس من عشائر شمر وعلى المؤلف أن يصحح معلوماته وان يتحرى الدقة قبل أن يكتب عن العشائر .
الحادي عشر : في الصفحة ( 202) تطرق المؤلف مرة ثانية لقبيلة زوبع وذكر تفرعاتها وقال : هم من عشائر شمر طيء من الحريث ينتسبون إلى جدهم زوبع بن مشعل بن مانع بن سالم وصولا إلى كهلان . وان هذه المعلومات عن عشائر زوبع منقولة من كتاب عشائر الحريث الطائية من الصفحة ( 92) لمؤلفه الحاج غزال مهدي مضعن المسارّي ولم يذكر المصدر الذي استقى منه معلوماته ثم ذكر معلومات خاطئة عن نسب زوبع منها على سبيل المثال لا الحصر قال : زوبع بن مشعل والصواب هو بن مانع ومشعل أخوه جد آل محمد الحربا أو شمر آل محمد . وقال طيء هو بن مرة والصواب هو بن أدد ومرة أخوه هو جد عشائر خولان القحطانية .
وهذه لمحة قصيرة ومختصرة من صفحات الكتاب وعلى كل الباحثين في انساب العشائر أن يتحروا الدقة ويتحققوا من معلوماتهم قبل أن يقدم أحدهم على هكذا مشروع حساس ولا يعتمد على معلومات رؤساء العشائر لأن بعضا منهم لا يعرف اسم جده الخامس ولا يأخذ من أفواه الناس ولا يكون كحاطب الليل يلم كلما وجد أمامه . هذه أهم الملاحظات التي تخص ما ورد في كتاب قبائل طيء وعشائرها .

وآخـــر دعوانا أن الحمــد لله رب العالمين .....